في زوايا حي الياسمين الهادئ
حيث يمتزج
عبير الزهور بعبق الذكريات
عاش سالم سنواته الماضية
مطمئنًا في شقته الصغيرة
تلك الجدران
احتضنت أفراحه وأتراحه
وكانت شاهدًا
على قصصه وأحلامه
التي خطط لها بعناية
كان سالم يرى في شقته مأمنًا من ضجيج الحياة وتقلّباتها
وفي صباح (لم يكن عاديًا)
وصلت سالم رسالة من مكتب العقار
غيّرت مجرى يومه وربما مستقبله
فتح الرسالة بتوجس
ليجد فيها نبأً لم يكن ينتظره :
“رفع الإيجار لشقته بنسبة 30%”
كانت الكلمات مكتوبة بوضوح
لكنها بدت له مشوشة
كأنها تتراقص أمام عينيه
حاول سالم أن يستوعب
أن يجد مبررًا لهذا القرار الذي جاء دون مقدمات
دون نقاش أو تحذير
صخر مالك العقار
كان معروفًا في الحي بصلابته
التي تليق باسمه
لم يكن يبالي
بقصص المستأجرين أو ظروفهم
أو حتى الأثر الذي قد تتركه قراراته
بالنسبة له
كل شيء كان أرقامًا وحسابات
“إن لم يدفع سالم، سيأتي غيره”
هكذا كان يردد
وكأن الناس أرقام تتبدل ولا أرواح تتأثر
توجّه سالم إليه
بحقيبة ثقيلة من الكلمات
محاولًا أن يشرح ..
تحدث عن أطفاله
وعن راتبه الذي بالكاد يكفي
وعن كيف أن رفع الإيجار بهذا الشكل قد يقلب حياته رأسًا على عقب
لكن صخر
كان قد قرر منذ البداية ألا يسمع
اكتفى بالإشارة إلى العقد
وكأن الورق أقدس من حياة البشر
عاد سالم إلى منزله
مثقلًا بالحيرة والهموم
جدرانه التي كانت بالأمس تحميه
بدت اليوم ضيقة ومهددة
كيف سيخبر أسرته ؟ أين سيذهب لو عجز عن دفع المبلغ ؟
أسئلة قاسية
كانت تجول في ذهنه بلا إجابة
وفي لحظة كانت صعبة على سالم
قرر أن يلجأ إلى النظام
إلى صوت العدالة الذي قد ينصفه .. وبالفعل
بعد بحث طويل
اكتشف أن زيادة السعر التأجيري بعد انتهاء مدة العقد ممكنة لان العقد أصبح جديد بجميع تفاصيله
والأفضل له إذا ناسبته الشقة أن يتفق على مدة طويلة كحد أدنى 3 سنوات
تكفيه من تقلبات
زيادة الأسعار المستمرة
ومن صلابة صخر ..
ولازال الكثير يتساءل ..
من يحمي سالم من صخر ؟!